أمل فاهنس


الى ابني العزيز وليد, تحية طيبة وبشرى غد أفضل ان شاء الله

 

أبني الغالي, لقد فكرت كثيرا قبل أن أكتب لك في محنتك. كم مرة ابتدأت وعجزت حتى على التفكير في فكرة أن انسان سموح رقيق  طيب وبصحتك الضعيفة مرمي في السجون. لقد بكيت وتألمت عند قرائتي خبر ظربك وسحلك من مدينتك لسجن الرياض البعيد عن طفلتك الرضيعة زوجتك الرقيقة اللتين أصبحن بعيدين كل البعد عن ركيزتهم وكل ما يملكن في هذا الكون: كان الله في عونهن وعونك.

ابني الغالي لم أنساك ولن أنساك أبدا أتابع كلمات وكل سطر تكتبه زوجتك سمر عن ألمها معانتها حسرتها  وصراعها لكي ترى يا وليد الحرية لأنها تعلم أنك لا تستحق السجن : لقد كنت منقدها وأول من آمن بحق وحرية المرأة في عالم اضطهد النساء . لم تنقد فقط سمر بل كنت رمزا للعدالة والمساوات في مجتمع جد محافظ لا يأمن بالتطور للمدنية الوطنية و احترام دولة القانون والمؤسسات. كنت صوت التشجيع على حقوق المرأة وعلى مناهضة الطبقية العنصرية والطائفية: كنت صوت من لم يكن لهم صوت أو لربما الصوت اللذي لم يكن رنانا في آذان المنافقيين.

لقد أسكتوا صوتك وأغابوا صورتك لربما من لا يؤمنوا بالمواطنة والتطور للأفضل لكنهم أسكتوا أكبر داعم وأفضل مثال للمدنية المسؤولة ولربما أحد من آخر الأصوات المعتدلة المنفتحة في عالم لم يعد يعرف سوى الطائفية الهمجية العنف والارهاب الخبيث مدمر كيان الشعوب ولحمتهم.

للأسف يا ابني الغالي لقد غبت وغاب معك نور العديد من مثقفي الخليج من من حذروا من ما قد تؤول له الأمور ان لم يتم اصلاح وتربية النشأ على التعايش في ايطار يضمن المساوات و حقوق الجميع. لقد غبت يا ابني لكني أخشى عليك الصدمة يوم تخرج من زنزانتك. لن تصدق ما حصل. نحن نعيش في كابوس: الهمجية تهدد آخر ما تبقى لنا من كرامة. لقد حصل ما كنا نخشاه التطرف والارهاب لبس حلة جديدة شنعاء بشعة ويريد النيل بأغلى ما عندنا: أوطان العرب. يقطع الرؤوس ويرجم الحريم يسبي النساء ويريد خلافة المعتوهين في أرض العرب! كابوس لم نكن نتصوره حتى في أبشع السينارايوهات. لن تعرف العالم ولربما لن يعرفك حتى من دخلت السجن مدافعا عن حرياتهم: رائحة التطرف الطائفية والخيانات الكريهة في كل مكان.

لا أريد أن أحبطك يا ابني فقط أقول مهما حصل لك من تنكيل اهانة مس بكرامتك وكرامة زوجتك الصامدة الصادقة الأمينة لا تتخلى عن مبادئك لا تنسى ما كنت تدافع عنه: التسامح والايمان بوطنك الغالي لأنني واثقة سيأتي يوم بعد ما سيخرب الارهابيون المتطرفون آخر ما تبقى للعرب من كرامة سيحتاج  العرب لأمثالك.  نعم وطنك في أمس الحاجة لصوة الاعتدال الاصلاح وثقافة حقوق الانسان لتجمع شمل ما تبقى من الأوطان.

تحياتي يا أيها الابن الغالي تحية تقدير يا خير أبناء المملكة العربية السعودية, ومازال العديد يتسائل وكيف لهم أن يسجنوا أمثالك: أنت رائف بدوي الدكتور القحطاني...وأي خطر كنتم تجسدونه؟ لا شيء فقط قلتم وحذرتم وبصوت واضح من خطر الطائفية و التطرف الذي نخر المجتمع وأن أفضل رد عليه هو تطوير مؤسسات الدولة والقوانين الداخلية لتضمن حقوق الجميع وتنفتح على الجميع وتبني لحمة وطنية أساسها قوي لايمانها بانتمائها والمساوات بينها و لكي يغلق الباب أمام أي شر وأي فجوة قد تستغل لتفكيك مجتمع غالي عندكم.

حفظ الله الجميع من شر الارهاب الطائفية التخلف والعنف وأفرج كربة الطيبيين الصادقين الصالحين من أمثالكم وفتح بصيرة من رموكم في السجون على أهمية وجود أمثالكم أحرار يرزقون ويثقفون الأجيال على مناهضة العنف الارهاب والتطرف.

ستنال حريتك يا وليد وسأزورك في بلدك الغالي اللذي كنت تعتز وتفتخر به سماء وطنك الحبيب اللذي فتحت عينيك فيه وترعرعت على حبه وامتنانك له! أدري أن لوطنك مكانة غالية في قلبك  وستستقبلني في جدة جوهرة قلبك اللتي كنت تفتخر بها وسنتذكر الأيام الحلوة الجميلة (على أمل المرة الجاية لا تكون سيارتك خربانة)

سلامي على الدكتور القحطاني ان كنت تراه أفرج الله عنه أيضا.

 أمل فاهنس