كنا في إحدى الدول الخليجية، عندما استمعت لوليد أبوالخير وهو يتحدث - لأول مرة- عن التحديات التي يواجهها في بلده السعودية كمحام و مدافع عن حقوق الإنسان. كان يشع من عينه الإصرار و الأمل، و كنت أرى أن هذا الشاب المبتسم، المفعم بالحياة و العارف بدقائق الأمور، يصارع من أجل ما ظننته في البداية بديهيات تم تجاوزها في عالمنا العربي بكل ما يحمل من خراب. لم أكن أتصور أن هناك بلدان مازالت تعيش مرحلة الإجتهاد في الكثير من أمورها القانونية، و أنه بالكاد هناك بعض القوانين المكتوبة، بينما الإجتهاد شاسع و متشعب و لا تحكمه أية ضوابط خارج ما يضعه القاضي لنفسه أو تلك الأوامر التي تأتيه من خارج الجهات القضائية. حينها شعرت أننا في الإمارات أفضل حالاّ، و أن الإنتهاكات و التجاوزات لدينا لا تضاهي تلك الموجودة في السعودية، و كنت أشفق كثيراً على هذا الشاب و أنظر إليه باحترام و إجلال و إكبار كونه قَبِل أن يتعامل مع كل ذلك الخراب الذي يحتاج إلى عمل شاق و دؤوب و لمؤسسات ضخمة.
النشاط الحقوقي لوليد لم يكن إلا أن يضعه في صدام مباشر مع سلطة تنتهج القمع و الحلول الأمنية في تعاطيها مع نشطاء حقوق الإنسان، والمطالبين بالإصلاح السياسي و الحريات. وهذا ما حدث له كما حدث لكل صوت حر و ناشط حقوقي ملتزم بمقتضيات العمل الحقوقي، حيث سبقه إلى المعتقلات الدكتور الحامد و الدكتور القحطاني و غيرهم العديد من النشطاء الشباب و الكبار و من مختلف التوجهات. انه العمل السلمي الهادف للإرتقاء بكرامة الإنسان و قيمته و تجرمه حكومات سلطوية استبدادية لا يتسق نطاق تفكيرها إلا إلى استخدام السجون و المعتقلات و التعذيب و القمع و استخدام مؤسسات الدولة من قضاء و داخلية و إعلام و غيرها لمحقه و إنهائه. لكن إرادة الشعوب أبقى، و هذا ما يثبته وليد أبوالخير و زملائه المعتقلين الذين قبلوا أن يدفعوا الثمن، وهو لا شك ثمن كبير جدا، من أجل أن يشعلوا شموع تنير الطريق لأجيال قادمة.
كلمة أخيرة يا وليد، نعم أصبحت دولنا في القمع سواء، لكن ذلك لم يزدنا سوى تشبثا بجمرة الذهب الخالص، بجوهر الكون، بالحرية. فلك الحرية و لكل أحرار وشرفاء العالم و كل معتقلي الرأي و الفكر و الضمير و الوجدان.
أخوك: أحمد منصور - الإمارات