"وليد أبو الخير"
بعد الركود الذي مر به النشاط الإصلاحي في أول الألفية الجديدة كان وليد من أبرز النشطاء الذين اعادوا له وهجه. كان من أول المتحدثين والمدافعين عن معتقلي الرأي والضمير -معتقلي جدة. دافع عنهم وعن قضاياهم وأصبحت الجزء الأكبر في حياته. حينما يفرج عن بعض المعتقلين في الأعياد ليوم أو يومين كان وليد يسافر إليهم كي يحصل منهم على توكيل للدفاع عنهم. كان ذلك هو العيد والفرحة بالنسبة إليه..
بعد أن كان النشاط الإصلاحي مقتصراً على النخبة، صعب التداول بين شرائح المجتمع المختلفة، ساهم وليد من خلال مرصد حقوق الإنسان ومن خلال جهوده المختلفة في غرس مفهوم الحقوق لدى عامة الناس وتحويل النشاط الإصلاحي والحقوقي إلى آداة سهلة يتناولها المجتمع بأكمله.
منذ أن بدأ نشاطه الإصلاحي لم تكف الحكومة عن مضايقاته وثنيه عن مساره. سحبت بعثته وتم منعه من الكتابة وأجبر على ترك وظيفته أكثر من مرة وسحبت رخصة محاماته ومنع من السفر وتم إيقافه أكثر من مرة، هذا غير الإيذاء اللفظية والجسدية التي طالما تعرض لها. تم تهديده بالسجن ورفعت عليه الدعاوي أكثر من مرة وعرض عليه أن يوقع -فقط- بالتخلي عن نشاطه وأن لايعود إلى ذلك مقابل أن يترك إلى سبيله، إلا أنه كان يجيب دوماً ب"لم أندم على شئ فعلته ولن أتخلى عن قضيتي مهما حصل.."
وليد أبو الخير شخصية وطنية حقوقية صرفة. تعدى نشاطه المذهبية والطائفية والمناطقية. تمسك بمبدئه الحقوقي في اختلاف المواقف. حينما اعتقل حمزة وتكالبت التيارات الإسلامية بمختلف أطيافها للهجوم عليه، لم يكتفي بالدفاع عنه، بل، فضح هذه التيارات وسماها وعرض نفسه للخطر وأشار إلى أنه تعرف على حمزة حينما كان منتميا إليها في السابق. حينما اعتقلت الحكومة بعض الرموز الدينية -كالشيخ الأحمد- أدان وليد ذلك وأكد أن الحقوق مبدأ واحد لا يختلف باختلاف الأشخاص. حينما وقعت أحداث القطيف لم يتوانى وليد في استنكار ذلك وكان من أبرز الموقعين على خطاب "أحداث القطيف". حينما هاجمت الحكومة الإخوان كان وليد يرى أنه لابد من التوقف عن نقدهم حتى لايكون ذلك معاونةً وتبريراً للمستبد. هذا غير دفاعه عن المتشددين والمتهمين بقضايا الإرهاب ومطالبته بمحاكمات عادلة وحصولهم على كامل حقوقهم.
وليد رجلٌ خلوق متسامح ذو مبادئ. الجميع يثق فيه وفي وقوفه مع المظلوم. دافع عن الجميع رغم أنه كان يعلم أن بعضهم سيتخلى عنه يوماً منه. كان يعلم أن دفاعه عن البعض سيمنحهم قوةً ونفوذاً لن يتهاونوا في استخدامها ضده وفي التضييق على حريته..
وليد رجلٌ بحجم الوطن.. وأكبر!
------------------------------ ------------------------------ ---------------------
صديقي وليد..
اثق بك..
اثق بشجاعتك.. بصمودك الذي اتخذته شعاراً لك من أول الطريق..
اثق بسخريتك، بقدرتك على تحويل الوجع إلى نكتةٍ مضحكةٍ ومبكية في آنٍ معًا، واثق بابتسامتك الطيبة، وبدفئها الذي لا يغادر القلب.
ستنتصر ياصديقي..
أنت أقوى، أقوى بكثير..
جبناء هم ياوليد، خائفون، غادرون، ضعفاء هم، ضعفاء حتى عندما اعتقلوك.
ستقابل ظلمهم بدعابتك التي تلامس القلوب.. سيهمس لك سجانك الشخصي يوماً ما بأنه يعرفك.. وأنه -والكثير من أهله وأصدقائه- يؤمنون بنضالك ويقدرون تضحياتك، سيبكي بين يديك طالباً السماح متعذرا بأنه "عبد المأمور"..
أعرف أنك ستنسى إساءاته ثم تربت على كتفيه.. ستحدثه عن الوطن، عن الحرية والمستقبل، لتسرحا معًا، بعيداً، بعيدًا، لتغرقه بلذة التضحية.. حيث التجلي وصفاء الروح ورقيّها..
يوما ما، سيتمرد، يوما ما ستعرف كم كنت مهما في حياته، في حياتي، في حياتهم.. في حياتنا.
ستخرج قريباً ياصديقي.. وسنلتقي أحراراً.. وسنذكر هذه الأيام بهدف السخرية لا أكثر، سنسخر من الظالمين كثيراً وطويلًا.. وسنفرح ونضحك طويلًا وكثيراً...
"إن غيبتك عنا القضبان.. فأنت حاضرٌ فينا وفي الأصدقاء ياوليد.. أنت حاضر في ضمير الوطن.. أنت بصمةٌ بيضاء في جبين العدالة المسود"